أسامة داود يكتب: صراع القبح والإبداع فى نقابة الصحفيين

صدمت عند صعودى للدور الرابع بمقر نقابة الصحفيين .. مفخرة التصميمات المعمارية والذى يتمدد على ألفى متر بأدواره الثمانية،تسلل الحزن إلى أعماقى عندما وجدت صفين من الغرف العشوائية تحجب النور من الواجهة الزجاجية الملونة باللون الأزرق بأضواء كانت تحتضن الدور كله لتصل أشعة الشمس وأضواء النهار عبر بهو الطابق الرابع المتربع أمام القاعة الرئيسية، المزينة بجدارية تاريخية للفنان الراحل فتحى محمود.  

نقابة الصحفيين

تأملت القاعة التى كانت فيما سبق تطل بابتسامة ملكة يمتزج فيها الشموخ بالحرية المسربلة بخيوط الشمس الذهبية التى تغمرها من الشروق حتى الغروب عبر الطوق الزجاجى المطل على شارع عبد الخالق ثروت- لأجدها اليوم غارقة فى ظلام عشوائيات ، حجبت بظلمة العقل ضوء الشمس وتكفنت فى ثوب من الكآبة والحزن. تنقلت بالنظر بين القاعة بأبوابها الفارهة التى كانت تتمدد فى مواجهة الواجهة الزجاجية تمنح المكان عبقرية وشموخًا ، ليكتنف من يلج إلى هذا البهو الفسيح إحساس بالثقة والسعادة والتفاؤل. ولكن اللطمة التى تلقاها نظرى أغرقتنى فى مستنقع الاكتئاب الممزوج بالإحباط والحزن وأنا أطالع قاعة الرابع تختنق ، بعشوائيات أنفق مجلس النقابة مبالغ طائلة لإقرار القبح والذى تحول إلى جائحة -تنافس الفيروس- فى مواجهة مدرسة الإبداع ، والجمال ووضع بصمتهم التى تشبه العتة التى تصيب الثياب الفاخرة. سألت أحد القائمين على الأمر فى المبنى العتيق عن الدافع وراء ذلك.. ساق تبريرات مصطنعة - وضعت بأمر أولى الأمر على لسانه - أقبح من كل الذنوب وهى عدم وجود أماكن للعاملين بالنقابة.. سألت الرجل الذى يسوق التبريرات بعدم اقتناع.. كم عدد العاملين بالنقابة؟.. قال يصل إلى 70 عنصرًا ما بين عامل وموظف وقانونى ومدير إدارة ومدير عام. قلت لماذا لم يكن الاهتمام بإعادة تخطيط مجمع خدمات الدور الأول والذى يشغل مساحة لا تقل عن 400 متر مربع، يتوسطه كاونتر خشبى يقبع خلفه عدد 6 موظفين فقط.. بمن فيهم مسئولو الخزينة وعامل التصوير والصادر والوارد. استعان الرجل بما ساقه آخرون من تبريرات وعبر سلسلة من العنعنات والتهتهة.. ليصف اللجوء لزرع المكاتب التى تشبه بثور الجدرى على ساحة الوجه البض الأملس الناعم.. بأنه كان ضرورة والهدف احتواء أعداد الموظفين نظرا لأن النقابة عند إنشائها لم يكن يتجاوز صحفيوها الـ 3000، وأن الرقم تزايد الآن لأكثر من 12 ألف صحفى.. التبرير هبط من مرتبة القبح إلى التدليس..

جوهرة النقابة

وكأن القائمين على إنشاء مبنى النقابة وقتها كانت أعينهم لا تتجاوز موطئ أقدامهم!.. بينما وطبقًا لواقع المبنى الفخم الذى يمكن أن يفوز بجائزة أروع ما شيد فى القرن العشرين قد أقيم طبقًا لتخطيط يستوعب التزايد من الصحفيين وخدماتهم دون أزمات ، وعلى مدار قرن من الزمان إن لم يكن قرونًا، خاصة أن المبنى يضم 8 طوابق بخلاف بدروم به جراج سيارات وعدد من المكاتب والغرف. ثانيا المبنى على مساحة 2000 متر مربع وبالدور الأول كاونتر خدمات مفتوح بمساحة تتجاوز 400 متر، وهو مهيأ للتعديلات حسب زيادة أعداد الموظفين على مدار الزمان ، وعلينا أن نتخيل أن هذه المساحة بها 6 موظفين فقط بمن فيهم محاسب الخزينة، وهو ما يؤكد على حقيقة أن العباقرة من أساتذتنا نقباء وأعضاء مجلس النقابة وقتها وعلى مدار عدة دورات مع الهيئة الهندسية للقوات المسلحة كمخطط ومصمم ومع شركة المقاولون العرب كمنفذ. كانوا بكل تأكيد يدركون أنهم يشيدون مبنى يستطيع بنفس التقسيمات المخصصة للخدمات أن يستوعب نقابة الصحفيين بكل توسعاتها لعقود طويلة إن لم تكن قرونًا وبالتالى كان كاونتر الخدمات عندما يتحول إلى بارتشن "Partitions " يستطيع استيعاب أضعاف هذا العدد. فهل من المنطق أن نترك مثل تلك المساحة خالية دون استغلالها ونلجأ للدور الرابع لتحويله وهو درة وجوهرة النقابة إلى مجرد عشوائيات من المكاتب غير المخطط لها بينما كان من الأجدر أن يتم نقل السجل المدنى والشهر العقارى ومكتب شئون المجلس إلى الدور الأول أو الثانى وبه من الغرف المغلقة وغير المستغلة ما يستوعب الكثير من الخدمات المنثورة عمدًا فى كل الأرجاء.
وإن كان هناك هدف فهو إخلاء النقابة من الصحفيين حتى ولو كان الثمن إشغال كل المساحات بأى شىء حتى ولو بالباعة الجائلين.
وأطرح عدة تساؤلات أتمنى أن أجد إجابة عنها: على أى أساس تم تجاهل طرح أمر إنشاء النتوءات العشوائية على متخصصين فى التخطيط الإدارى وشئون العاملين لإعادة تخطيط أماكن الخدمات.. هذا إن كان هناك أزمة حقيقية؟ لماذا قرر القائمون على أمر النقابة التنفيذ قبل التفكير؟أم كانت تلك هى التعليمات؟ ولو كان هذا التصرف فيه شيء من حسن النوايا، ولم يرجع إلى سوئها. لماذا تم تجاهل طرح الأمر على مجلس النقابة أولا؟ ومناقشته ثانيًا؟.. وعلى ضوء ذلك اتخاذ القرار الصائب ثالثًا.. أو طرح الأمر بالتمرير على الأعضاء إن كان المجلس علق اجتماعاته بسبب الجائحة ؟ وبالطبع لم يحدث هذا.. أو ذاك أو تلك. ولا أظن أن المجلس كان على علم بهذا الأمر.. وإلا لما أصدر 5 من أعضاء المجلس بيانًا أكدوا فيه رفضهم الإجراءات التى تمت والتى نتج عنها تشويه الدور الرابع بالعشوائيات القبيحة.

هدف غير حميد

أرى ويرى غيرى أن الهدف من تلك العشوائيات ليس له سوى معنى واحد وهو نثر المكاتب وتوزيعها فى كل الأماكن المعدة لاجتماعات الجمعية العمومية لنقابة الصحفيين والتضييق لمنع عقد الندوات بكل أنواعها والتى هى من أهم أسس وسمات نقابة الصحفيين. بل والتضييق على أعضاء النقابة فى دخول مبنى نقابتهم. وإن كان المكان قد ضاق على الموظفين حسبما يأتى التبرير أقول فى هذه الحالة كان من المفترض أن يتم اللجوء إلى شركة متخصصة فى التسكين الإدارى للموظفين والعاملين وأسلوب عملها يتلخص فى تسكين أكبر عدد من العاملين فى أقل مساحة ممكنة مع مراعاة كل المعايير الصحية والاجتماعية والتى تؤدى إلى مرونة وانسيابية العمل.. ولا أظن أن الانفراد بالقرار والقيام بإنشاءات عبر فكر عقيم كان بهدف تدبير بضعة آلاف من الجنيهات! لن أتحدث بصفتى خبيرًا فى مجال التخطيط الإدارى وتجهيز الأماكن المناسبة للموظفين والعاملين بنقابة الصحفيين، ولكن أضع أمام الزميل ضياء رشوان نقيب الصحفيين والذى أثق أنه لا يقبل بمنطق الحل الواحد والرأى الواحد فى شأن يخص الجمعية العمومية ومبناها الذى يمثل ثمار جهد شاق بذلته قامات نقابية فى سبيل تحقيقه تجاه أزمة من الأزمات المفبركة - والأزمة هنا حسب التبريرات التى تساق - وهى زيادة أعداد الموظفين تماشيًا مع زيادة أعداد الصحفيين، وأقول هذا القول مردود عليه والسبب أن تطور أساليب العمل مع التكنولوجيا سواء باستخدام الواتس آب أو الإيميل من دوره تقليص أعداد الموظفين لا زيادتهم حتى ولو تضاعفت أعداد الصحفيين.

أسامة داود يكتب : إهدار المال فى إيجاس

اسامة داود يكتب: العالم ينطلق و مصر تتباطأ تجاه غاز السيارات

اسامة داود يكتب : فتش عن الاهمال فى انفجارات خطوط البترول

أسامة داود يكتب : قنديل والبنبي وفهمي ورحلة الغاز الطبيعى

أسامة داود يكتب: قصة الغاز الطبيعي بين قنديل والبنبى وفهمى

أسامة داود يكتب: وزير البترول وعصر المنافلة!!

أسامة داود يكتب.. ماهر أباظة الذى أضاء خريطة مصر (1)

أسامة داود يكتب: ماهر أباظة متحدثا عن عبدالناصر (٢)

أسامة داود يكتب: رحلة الغاز الطبيعي مع وزراء البترول (الحلقة الثالثة)